إلى ماذا ترمز الهوية البصرية السورية الجديدة

خاض الشعب السوري بالأمس معارك عظيمة وواجه مصاعب أوصلته إلى حافة الهلاك لكنّه أبى الاستسلام والخضوع، واليوم يشهد هذا الشعب العظيم خروج أرضهم من ظلمات الطاغية إلى نور الحرية والكرامة، ومع التطّور الكبير والتغير الحاصل في سوريا بعد التحرير قامت الإدارة الانتقالية بالإعلان عن الهوية البصرية السورية الجديدة، والتي حملت الكثير من الرموز ذات الدلالات العميقة والمختلفة، وعبر السطور التالية لا بد لنا من الكشف عن هذه المعاني والدلالات.

الهوية البصرية السورية الجديدة

شهد السوريون مساء يوم الخميس الموافق لـ 03/07/2025 احتفالاَ مهيباً وضخماً في ساحة الجندي المجهول ضمن العاصمة دمشق وذلك بمناسبة الكشف عن الهوية البصرية السورية الجديدة، وقد كان هذا الاحتفال بمثابة إعلانٍ للعالم أجمع بعودة سوريا حرة أبيّة وذات سيادة واستقلالية، إلى جانب أنّه إيذانٌ يشير إلى التطورات والتغيرات العميقة التي ستمرّ بها الدولة والمراحل الانتقالية التي ستنطوي على تحولات تشكل جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وإنّ الصورة البصرية السورية الجديدة حملت العديد من المعاني والدلالات والتي استحضرت التاريخ العظيم والمشرّف لسوريا من الماضي والحاضر، وقد عبّر الرئيس أحمد الشرع عن هذه الصورة الجديدة قائلاً: “تعبر عن سوريا التي لا تقبل التجزئة ولا التقسيم، الواحدة الموحدة، وتعكس التنوع الثقافي والعرقي” كما وأضاف: “تعبر أيضا عن بناء الإنسان السوري، والقطيعة مع منظومة القهر والاستبداد، وتشكل بداية هوية جديدة لدولة عزيزة وحياة كريمة تنتظر السوريين”.

معاني رموز الهوية البصرية السورية الجديدة

جسّد العقاب الذهبي السوري الشّعار الجديد في الصورة البصرية السورية وقد اكتسب معانٍ عصرية تتلاءم مع الحرية التي نالتها سوريا بعد أكثر من خمسين عامًا كان القهر والظلم والخضوع سيّدها، وتتنافى تماماً مع كل رموز النظام البائد وسنكشف عن دلالات هذه المعاني فيما يلي:

العقاب الذهبي: هو الرمز الإسلامي الذي استحضره الفنان التشكيلي السوري خالد العسلي من تاريخ فتح الشام على يديّ الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه في معركة “ثنية العقاب”، ويرمز العقاب إلى النبل والحرية والاستقلالية والكرامة الوطنية التي استعادتها سوريا وكانت إحدى أعظم ثمار الثورة السورية، وقد تمّ تغيير الصورة من النسر إلى العُقاب من أجل إيضاح أنّ هذه الدولة انتقلت من مرحلة افتراس مواطنيها وإخضاعهم إلى مرحلة حمايتهم والقيام على أمرهم وشؤونهم والسعي إلى ازدهار بلادهم وتطورها.

نجوم ثلاثة تعلو العُقاب: وتدلّ هذه النجوم التي تحررت من الترس الذي كان يحيطه النسر في الصورة القديمة إلى تحرر الشعب من الحكم القسري وسعيه نحو الحرية ونحو الطموحات العالية، وموقع النجوم يشير إلى أنّ الشعب والدولة يستمدان القوة من بعضهما البعض، كما وقد دلّ ذلك على ردّ اعتبار الشعب ورفع مكانته وأنّه مركز السيادة ومصدر الشرعية في سوريا العظيمة.

الجناحان: كان من أبرز الرموز في الصورة البصرية السورية الجديدة جناحا العُقاب الممتدان في السماء، إلى جانب عدد الريشات التي يحملها هذان الجناحان والذي يبلغ أربعة عشر ريشة، حيث تمثل كلّ ريشةٍ منها محافظة من المحافظات السورية، ويدلّ ذلك على وحدة هذه المحافظات وانتمائها للأرض السورية والتي لا يمكن تقسميها أو تجزئتها على الإطلاق وأهميتها المطلقة وأنّ الأرض للشعب يقوم بها ويعمل بها.

الذيل: يحوي ذيل العُقاب على خمس ريشات عريضة، وهذه الريشات تمثل المناطق السورية الكبرى وهي الجنوبية والشمالية والشرقية والغربية والوسطى، ووظيفة الذيل الأساسية هي المحافظة على توازن الطائر وفي الصورة يعدّ الذيل هو الركيزة التي من شأنها أن توازن الوضع الجغرافي والاقتصادي والسكاني في الدولة.

مخالب العُقاب: وفي الصورة مخالب العُقاب مفتوحة تدلّ على حقّ الدولة السّورية في الدفاع عن أرضها وشعبها وممتلكاتها، وأنّ قوات الدولة السورية على أتمّ الاستعداد لا من أجل التهديد بل من أجل الحماية والدفاع عن البلاد ضدّ أي خطرٍ خارجي أو داخلي.

ما هي الرسائل التي يحملها شعار سوريا الجديد

حمل الشعار السوري الجديد خمس رسائل أساسية تصل إلى كلّ من يطلع إلى الصورة البصرية الجديدة المتمثلة بالعُقاب الذهبي السوري، وهذه الرسائل هي:

الاستمرارية التاريخية: فالعُقاب الذهبي السوري هو التصميم الذي تبناه الآباء المؤسسون عام 1945 للميلاد، وذلك يؤكد على أصالة الهوية السورية عبر التاريخ.

تمثيل الدولة الجديدة: يمثّل العُقاب السوري الجديد الدولة السورية الجديدة التي ولدت على أيدي الشعب وإرادته الحرّة.

تحرر الشعب وتمكينه: الحرية التي تمنّاها الشعب لعقود وقد نالوها وفازوا بها وصارت للشعب مكانته وكلمته الحرة.

وحدة الأرض السورية: لا يمكن تقسيم أو تجزئة الأراضي السورية فهي مكمّلةً لبعضها البعض لا تفاضل بينها بل كلّها في كفّة ميزانٍ واحدة.

عقد وطني جديد: وينطوي على العلاقة الجديدة ذات المعنى والعمق المختلف بين الدولة والشعب.